والبياناتِ المصقولةِ بالحِياد..
خرجَ من صُلبِ الريحِ رجلٌ
لا يكتبُ على ورقٍ،
بل على شُرفاتِ المدافعِ.
اسمه عبدُ الملك..
وفي اسمهِ رُقيَّةُ كربلاء،
وفي صوتهِ..
رنينُ آيةٍ لم تُفسَّر بعد.
ليس نبيًّا..
لكنّهُ إذا تكلّم،
أنصتت له السماء،
وارتجفت له القصورُ التي صارت من زجاج.
يمشي على خارطةٍ
جرحوها ألفَ مرة،
فجعلَ من صعدةَ محرابًا،
ومن الحصار.. مقلاعَ داوود.
قال: "غزةُ أختنا.."
فقامت القبائلُ من سباتها،
ووضعت بندقيتَها
في قلبِ الخريطة..
لا في أطرافها.
قال: "نحن مع فلسطين.."
فلم يُصدّقوه،
حتى رأوا صواريخَهُ
تكتب على جدرانِ تل أبيب:
"هنا اليمن.. من لم يعرفنا فليسألْ التاريخ
"عبدُ الملك..
لا يُتْقن فنَّ الدبلوماسية،
لكنهُ يُتقن فنَّ الكرامة،
ولا يعرف كيف يُصافحُ مَن صافحَ القاتل،
بل يعرف كيف يردّ عن المذبوحينَ حقّهم..
هو لا يُقاتلُ عن حدودِ بلادهِ فقط،
بل عن حدودِ الحقِّ،
عن كلِّ طفلٍ عاري الجسدِ في غزة،
عن كلِّ أمٍّ تُقَبِّلُ صورةَ شهيدٍ
وتُخَبِّئُها في صدرها كالمصحف.
ثورتُهُ ليست بندقيةً تبحثُ عن مجد،
ولا رايةً تبحثُ عن منصة،
بل صلاةٌ طويلةٌ..
بدأت في بدرٍ،
وتواصلت في كربلاء،
ثم نطقت في صنعاء:
"ما دامت فلسطينُ تنزف..
فلن نُسلِمَ رايةَ الدم"في كُلِّ خطبةٍ له..
يرتفعُ الأقصى كالمئذنة،
ويتحوّلُ اليمنيُّ من محاصرٍ.. إلى حارسٍ،
ومن فقيرٍ.. إلى فاتحِ بوابةِ القدس.
هو القائدُ الذي مزجَ آياتِ اللهِ
بأنينِ الأمهات،
وحوّلها صواريخاً
تحملُ توقيع:
"هذا ردُّ اليمن.. على من باعَ فلسطين"